أحدث المقالات

زيد بن مهلهل الطائي......زيد الخير

 

 نسبه

زيد الخير ويُعرف باسم زيد الخيل زيد بن مهلهل بن زَيد بن منهب بن عبد رُضا بن أفصى بن المختلس بن ثَوْب بن كنانة بن مالك بن نابل بن عمرو بن الغَوْث بن طيئ الطائي النبهاني المعروف بزيد الخيل في الجاهلية، ثم سماه النبي صلى الله عليه وسلم بزيد الخير. كان هذا الصحابي الجليل علماً من أعلام الجاهلية، وكان من أجمل الرجال، وأتمهم خِلقة، وأطولهم قامة، حتى إنه كان يركب الفرس فتمس رِجلاه الأرض، وكان فارساً عظيماً ورامٍ من الطراز الأول.
وكان زيد الخليل شاعرًا محسنًا، خطيبًا لسنًا، شجاعًا كريمًا، وكان بينه وبين كعب بن زهير مهاجاة، لأن كعبًا اتهمه بأخذ فرس له.

إسلامه

لما بلغت أخبار النبي صلى الله عليه وسلم سَمعَ زيد الخيل ووقف على شيء مما يدعو إليه، أعد راحلته وجمع السادة الكبراء من قومه وفيهم زر بن سدوس، ومالك بن جبير، وعامر بن جوين، وغيرهم ودعاهم إلى زيارة يثرب المدينة المنورة ولقاء النبي صلى الله عليه وسلم، وكان سيد قومه وفارسا عظيما، إذا أسلم أسلم معه كبار القوم وعليتهم. وركب زيد الخيل ، ومعه وفد كبير من طيئ، فلما بلغوا المدينة، توجهوا إلى المسجد النبوي الشريف، وأناخوا ركائبهم ببابه، وصادف عند دخولهم أن كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب المسلمين على المنبر وقت خطبة الجمعة، فراعهم كلامه، وأدهشهم تعلق المسلمين به.

ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم فطناً فلما أبصرهم، ورأى وفدا يدخل المسجد أول مرة، حتى أدار بعض الكلام وخاطبهم به، فقال:
"إني خير لكم من العزى، ومن كل ما تعبدون، إني خير لكم من الجمل الأسود، الذي تعبدونه من دون الله".
فوقع كلام الرسول صلى الله عليه وسلم في نفس زيد الخيل ومن معه موقعين مختلفين، بعضهم استجاب للحق، وأقبل عليه، وبعضهم تولى عنه، واستكبر عليه مثل زر بن سدوس الذي دب الحسد في قلبه، وملأ الخوف فؤاده عندما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في موقفه الرائع، تحفّه القلوب، وتحوطه العيون، ثم قال لمن معه: "إني لأرى رجلاً ليملكنَّ رِقاب العرب، والله لا أجعله يملك رقبتي أبداً" ،ثم توجه إلى بلاد الشام، وحلق رأسه وتنصر. وأما زيد والآخرون، فقد كان لهم شأن آخر، فما إن انتهى النبي صلى الله عليه وسلم من خطبته، حتى وقف زيد الخيل ، بين جموع المسلمين، وقف بقامته الممشوقة، وأطلق صوته الجهير وقال: يا محمد، أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله.
أقبل النبي صلى الله عليه وسلم على زيد الخيل ثم قال: "من أنت ؟"
قال: أنا زيد الخيل بن مهلهل
فقال : "بل أنت زيد الخير، لا زيد الخيل، الحمد لله الذي جاء بك من سهلك وجبلك، ورقق قلبك للإسلام". فعُرف بعد ذلك بزيد الخير.

ثم أسلم مع زيد جميع من صحبه مِن قومه ثم مضى به النبي، إلى منزله، ومعه عمر بن الخطاب، ولفيف من الصحابة م، فلما بلغوا البيت طرح النبي لزيد متكأً، فعظُم عليه أن يتكئ في حضرة النبي، وقال: والله يا رسول الله، ما كنت لأتكئ في حضرتك، وردّ المتكأ وما زال يعيده إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يردّه، ولما استقر بهم المجلس، قال لزيد الخير: "يا زيد ما وُصف لي رجل قط، ثم رأيته، إلا كان دون ما وُصف، إلاَّ أنت".
ثم قال : "يا زيد، إن فيك خصلتين، يحبهما الله ورسوله".
قال: وما هما يا رسول الله؟
قال: "الأناة والحلم"
فقال زيد الخير وكله أدب: الحمد لله الذي جعلني على ما يُحب الله ورسوله.
ثم التفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله، أعطني ثلاثمائة فارس، وأنا كفيل لك، بأن أغير بهم على بلاد الروم، وأنال منهم.
فأكبر النبي صلى الله عليه وسلم، همته هذه، وقال له: "لله درك يا زيد، أي رجلٍ أنت ؟"

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرة عن أَبي عُمير الطّائي وكان يتيمًا للزُّهري قال: قدم وفد طَيِّئ على النبي صَلَّى الله عليه وسلم، خمسةَ عشرَ رجلًا، رأسهم وسيدهم زيْد الخيل، فعرَض عليهم الإسلام فأسلَموا، ثم قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "مَا ذُكِر لي رَجُلٌ من العرب إلا رأيتهُ دُونَ ما ذُكِر لي إلا ما كان من زيد فإنه لَمْ يَبْلُغْ كُلَّ ما فيه"، ثم سماه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، زيد الخير، وقَطَع له فَيْد وأرضين وكتب له بذلك كتابًا. وكان من قول زيد يوم قدم على النبي صَلَّى الله عليه وسلم: الحمدُ لله الذي أيدنا بك، وعصم لنا ديننا بك، فما رأيتُ أخلاقًا أحسن من أخلاق تدعو إليها، وقد كنتَ أعجب لعقولنا واتباعنا حجرًا نعبده يسقط منا فنظل نطلبه. فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "وزيادة أيضًا". يعني بذلك الإيمان أيضًا أكثر.

وفاته رضي الله عنه

ولما همّ زيد بالرجوع إلى بلاده في نجد ودّعه النبي صلى الله عليه وسلم، وقطع له فيد وأرضين معه وكتب له بذلك وقال بعد أن ودعه: "أي رجل هذا؟ كم سيكون له من الشأن، لو سلم من وباء المدينة".
وكانت المدينة آنئذ موبوءة بالحمى، فما إن برحها زيد الخير حتى أصابته، فقال لمن معه: جنبوني بلاد قيس، فقد كانت بيننا وبينهم حماسات من حماقات الجاهلية، ولا والله لا أقاتل مسلما حتى ألقى الله عز وجل. وتابع زيد الخير سيره نحو ديار أهله في نجد على الرغم من أن وطأة الحمى كانت تشتد عليه ساعة بعد أخرى.
وكان زيد الخير يتمنى أن يلقى قومه، وأن يكتب الله لهم الإسلام على يديه، وطفق يسابق المنية، والمنية تسابقه، لكنها ما لبِثت أن سبقته، فلفظ أنفاسه الأخيرة في بعض الطريق، ولم يكن بين إسلامه وموته متسع لأن يقع في ذنب.
لما انتهى زيد الخير من بلد نجد إلى ماء من مياهه يقال له: "فردة"، أصابته الحمى، فمات بها، ولما أحس بالموت قال:
أمر تحل قومي المشارق غدوة
وأترك في بيت بفردة منجد
ألا رب يوم لو مرضت لعادني
عوائد من لم يبر منهن يجهد
قال أَبُو عُمَرَ: مات زيد الخيل منصرفَه من عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقيل: بل مات في خلافة عمر.

روى الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد اللّه قال: كنا عند رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأقبل راكب حتى أناخ، فقال: يا رسول الله، إني أتيتك من مسيرة تسع، أنْصَبْتُ راحلتي، وأسهرتُ ليلي، وأظمأت نهاري، أسألك عن خصلتين. فقال له النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "مَا اسْمُكَ"؟ قال: أنا زيد الخيل. قال: "بَلْ أَنْتَ زَيْدُ الخَيْرِ، فَسَلْ". قال: أسألك عن علامة اللّه فيمن يريد، وعلامته فيمن لا يريد. فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "كيف أصبحت"؟ فقال: أصبحت أحب الخير وأهله ومن يعمل به، فإن عملت به أثبت بثوابه، وإن فاتني منه شيء حَزنت عليه. فقال له النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "هَذِهِ عَلَامَةُ اللَّهِ فِيمَنْ يُرِيدُ، وَعَلَامَتُهُ فِيمَنْ لَا يُرِيدُ، وَلَوْ أَرَادَكَ بِالأُخْرَى لَهَيَّأَكَ لَهَا، ثُمَّ لَا يُبَالِي اللَّهُ فِي أَيِّ وَادٍ هَلَكْتَ".

كان لزيد من الولد، مِكْنَف بن زَيْد الخيل وبه كان يُكَنَّى، وقد أسلَم وصَحِب النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، وشهد قتال أهل الردة مع خالد بن الوليد وكان له بلاء، وحريث بن زيد الخيل وكان فارسًا وقد صحب النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وشهد الرّدةَ مع خالد بن الوليد وكان شاعرًا، وعُروة بن زيد شَهِد القَادِسِيّة، وقُسَّ النّاطِف ويوم مِهْرَان فأبلَى وقال في ذلك شعرًا.

تعليقات
ليست هناك تعليقات




    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -