أخر الاخبار

 


هو الحباب بن المنذر بن الجموح الأنصاري الخزرجي السلمي، صحابي من الأنصار من بني حرام بن كعب من الخزرج، شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها، وكان ذو رأي ومشورة، فأخذ النبي محمد برأيه في بعض المواقف، كما كان من المشاركين بالرأي في يوم السقيفة.

في يوم بدر وعندما سار رسول الله يبادرهم -يعني قريشًا- إلى الماء، فلما جاء أدنى ماء من بدر نزل عليه، فقال الحباب بن المنذر بن الجموح: يا رسول الله، منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتعداه ولا نقصر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال رسول الله: "بل هو الرأي والحرب والمكيدة". قال الحباب: يا رسول الله، ليس بمنزل ولكن انهض حتى تجعل القلب كلها من وراء ظهرك، ثم غور كل قليب بها إلا قليبًا واحدًا، ثم احفر عليه حوضًا، فنقاتل القوم ونشرب ولا يشربون، حتى يحكم الله بيننا وبينهم. فقال رسول الله: "قد أشرت بالرأي"، ففعل ذلك.

عن عِكْرمة عن ابن عبّاس أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، نزل منزلًا يوم بدر فقال الحُباب بن المنذر: ليس هذا بمنزل، انطلقْ بنا إلى أدْنَى ماءٍ إلى القوم ثمّ نبني عليه حوضًا ونقذف فيه الآنية فنشرب ونقاتل ونعوّر ما سواها من القُلُب، قال فنزل جبريل، عليه السلام، على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: الرّأيُ ما أشار به الحُباب بن المنذر، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "يا حُباب أشَرْتَ بالرأي"، فنهض رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: ففعل ذلك.

وفي غزوة أحد أظهر من البطولة والفتوة والتضحية بالنفس الشيء العجيب؛ روى سعد بن عبادة قال: بايع رسول الله عصابة من أصحابه على الموت يوم أحد حتى انهزم المسلمون فصبروا وكرموا وجعلوا يسترونه بأنفسهم، يقول الرجل منهم: نفسي لنفسك الفداء يا رسول الله، وجهي لوجهك الوقاء يا رسول الله. وهم يحمونه ويقونه بأنفسهم حتى قتل منهم من قتل، وهم أبو بكر وعمر وعلي والزبير وطلحة وسعد وسهل بن حنيف وابن أبي الأفلح والحارث بن الصمة وأبو دجانة والحباب بن المنذر.

كما كان الحباب هو من أشار على النبي محمد في غزوة بني قريظة بأن يعسكر بين حصونهم، فيقطع الاتصال بين يهود تلك الحصون.
قال: استشارهم يومَ قُريظة والنضير، قال فقام الحُباب بن المنذر فقال: أرى أن ننزل بين القصور فنقطع خبر هؤلاء وخبر هؤلاء عن هؤلاء. فأخذ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بقوله.

وقد أبدى الحباب بن المنذر برأيه في سقيفة بني ساعدة، فقد اجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا: منا أمير ومنكم أمير. فذهب إليهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح، فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر، فكان عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلامًا قد أعجبني، خشيت أن لا يبلغه أبو بكر. ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس، فقال في كلامه: نحن الأمراء وأنتم الوزراء. فقال الحباب بن المنذر السلمي: لا والله لا نفعل أبدًا، منا أمير ومنكم أمير. قال: فقال أبو بكر: لا، ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء، هم أوسط العرب دارًا، وأكرمهم أحسابًا -يعني قريشًا- فبايعوا عمر أو أبا عبيدة. فقال عمر: بل نبايعك أنت، فأنت سيدنا وأنت خيرنا وأحبنا إلى نبينا. فأخذ عمر بيده فبايعه، فبايعه الناس.

من شعر الحباب بن المنذر:
ألم تعلما للـه در أبيكما
وما النـاس إلا أكمه وبصير
بأنّا وأعداء النبـي محمد
أسـود لها في العالمين زئيـر
نصرنا وآوينا النبي وما له
سوانا مـن أهل الملتين نصير

توفي الحباب بن المنذر في خلافة عمر بن الخطاب، وقد زاد على الخمسين سنة.

تعليقات
ليست هناك تعليقات




    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -